المشاركات

عرض المشاركات من أبريل, ٢٠١٢

طرقت بابك

صورة

بقايا ما كان مترسبا

لم يكن الأمر يحتمل الصمود الزائف أكثر من هذا. كان لابد لتلك اللحظة أن تحين وألا يطول بها الانتظار أكثر من هذا.. لم أكن لأخدع نفسي وأحاول إجبارها على ما ليس منها، مادمت مقتنعة بما أنا عليه وفيه.. استخرتك مطولا يا الله، وهديتني إلى ما فيه الخير لي في علمك أنت ومقدرتك.. استخرتك يا الله، فاشرح لي صدري ويسر لي أمري، واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي.. يا الله.. تعلم أنه قد مرت بي أيام كنت أخشى فيها كل شيء.. أيام صرت فيها بمعزل عمن وعما حولي، باختياري وأيضا رغما عني،  حتى صرت أخشى الكتابة هنا على الملأ، تجنبا للفهم الخاطئ، متعمَّدا كان أو غير متعمد.. حتى آل بي الأمر إلى إنشاء مدونة سرية أدون فيها ما أشاء دون القلق من الفهم الخاطئ، ودون التقيد بمن كانوا حولي وقتها.. كرهت المدونة السرية وقد كانت بلا روح، لكنني كنت مقيدة، ومحاصرة.. ثم تطور الحصار إلى اختناق، صرت لا أقوى معه على البوح، لا هنا ولا هناك.. ظللت حبيسة نفسي أكثر من شهر، لم أقوْ خلالها على التدوين العلني أو حتى السري.. بهتت نفسي، بملاحظة المحيطين بي على اختلاف درجة القرب.. حتى جاءت تلك اللحظة التي هديتني فيها يا الله، لأعود كما كن

صخب وسكينة

كانت الساعة الثالثة صباحا عندما رن الهاتف لأول مرة ولكنه توقف، وما أن وضعت رأسي من جديد لأنام حتى سمعت بعض الطرق على باب غرفتي.. في البدء اعتقدت أنها خيالات أو بقايا أحلام انتزعني منها الطرق، ولكن سرعان ما أفقت، بعد أن انتبهت إلى الحقيقة التي أقضت مضجعي، وهي أنني وحدي بالبيت..! مع تكرار الطرقات، تكومت حول نفسي في ذعر حقيقي، وأنا أستعيذ بالرحمن من الشيطان الرجيم.. لحظتها، أمسكت بالهاتف علني أتعثر برقم ينجدني، فوقعت عيناي على رقم المتصل سابقا.. أصغيت جيدا للصوت الآتي من خلف الباب، فعرفته من فوره.. كيف نسيت أن آخذ منه نسخة مفتاح البيت التي يحتفظ بها؟ من حسن حظي أنه لم يكن يحتفظ بنسخة من مفتاح الغرفة أو أية غرف أخرى.. سمعته يستغيث.. يستنجد ويقسم بأيام عهد بائد جميل -هكذا ظننت وقتها- كما يفعل دوما .. ظل على هذا الحال يذكرني بأيامنا الحلوة معا، ويطلب مني العفو والرضا، وهو لا يدرك أن رضاي لن يجدي شيئا مادام الله غير راض.. وكيف أرضى وحاله من يوم إلى يوم يسوء، بمباركة أصحاب السوء؟ ظللت صامتة صامدة لا يهزني رجاؤه، حتى يأس من سبيلي وسكت.. بعدها بلحظات طويلة، سمعت صوت باب المنزل ينغلق بشدة وخيبة

عن الكنسرفتوار والرقص المعاصر..

صورة
ليس بالضرورة أن تقتصر أحلام الطفولة على مرحلة الطفولة فقط، فقد يرافقك الحلم ويلازمك حتى وإن بدأ الشيب يتجول في رأسك.. لطالما كان حلمي الموسيقي يراودني.. أن أتقن العزف على البيانو -أو بالأدق أن أتقن استخدام يدي اليسرى لضبط الإيقاع- وهو أمر لازلت حتى الآن أتمنى أن يسنح لي الوقت لتحقيقه.. أن أتقن قراءة النوت الموسيقية، وليس فقط عزف الموسيقى سماعيا.. لو لم أكن التحقت بكلية الطب، لوددت أن ألتحق بالكنسرفتوار :)..  عشقي للموسيقى والغناء ليس له حدود.. ومؤخرا انضم الرقص المعاصر (Contemporary) إليهما بالإضافة إلى أنواع أخرى.. في النهاية تبقى الأحلام أحلاما.. قد يكتب لها الوجود يوما ما على أرض الواقع، وقد تظل مجرد أحلام..

أمومة

-ماما أنا نازلة خلاص، عايزة ألحق المحاضرة من أولها.. -يا بنتي استني أنا خلاص جاهزة أهو.. -ماما أنا نازلة.. -(بعصبية) خلاص براحتك.. أنا مش هوصل حد بعد كده ولا ليا دعوة بيكم بعد كده.. في اليوم التالي.. -أنزل وأختي مع أمي، ونرافقها حتى السيارة.. تنظر لنا نظرة غيظ ضاحكة، وتقول: الله، أنتم مش هتروحوا كلياتكم؟ أنا قايلة مش هوصل حد خلاص.. -خلاص يا ماما بقى.. -ماما إيه بس.. نركب السيارة.. وكأن شيئا لم يكن :)) "هي دي ماما" :))

عشرة أشياء لي فقط

صورة
(1) علبة فارغة لأحد أنواع العلكات "المستيكة بلغة أهل الإسكندرية".. أحتفظ فيها ببعض الأقلام الزرقاء الفارغة، وقلم رصاص وحيد.. (2) لست كمعظم البنات اللائي يحتفظن على الأرفف فوق أسرتهن بالعرائس والدمى والدباديب.. عوضا عن ذلك، يضم رفي الأسفل باقة من كتبي المفضلة بعيدا عن كتب الدراسة، أما الرف العلوي، فيتشرف باحتوائه لبعض الأشياء والأوراق القديمة المتهالكة -والتي تشمل شهادة تقدير لأوائل الثانوية العامة، مقدمة من جمعية الإسكندرية لرعاية الأطفال- D: بالإضافة إلى جهاز الضغط خاصتي، والسماعة ال Littmann التي تعود في الأصل لأمي :) (3) بعض ملصقات الدعاية التي تعترض طريقي بين الحين والآخر، عوضا عن لصقها، أقوم بوضعها تحت زجاج المكتب (بتدي منظر برضه) ..D: (4) ملف أخضر قديم متهالك، منذ أيام المرحلة الإعدادية، أضع فيه الآن أحب الأوراق والباقات، وأيضا الكراسات إلى قلبي.. (5) على ذكر الكراسات.. كانت تلك الكراسة مخصصة في البدء لتدوين أي شيء يتعلق بالواجبات المفترض إنجازها، وقتما كنت في الصف الأول الثانوي.. ثم انتهى بها المآل في نفس العام إلى كراسة لتدوين كلمات أغاني فيروز، وغيرها من ال

الدنيا بنكهة الأحمر

صورة
قد يبدو النص تقليديا هذه المرة، فأنا في حيرة من أمري.. في البدء أقرر وصف مشهد كنت قد وصفته من قبل.. مشهد لفتاة -أو قل امرأة-، ينثني عليها فستان أحمر صارخ، قصير عليها، وقاسٍ على من حولها.. تنتظر من يشاركها أداء رقصة الرومبا أو الفلامنكو، أو أيا كان.. أتأنى قليلا، وأنظر حولي.. الكون مليء بأشياء وهبات ذات صبغة حمراء مميزة، وهكذا البشرأيضا.. دماؤنا التي تجري في العروق.. هي سر حياتنا، المصبوغ بالأحمر.. الأحمر هو الحياة، هو الحب.. هو الجرأة في الفعل قبل القول.. هو الجمال في عيون المبدعين.. هو وردة تعترض طريقك عابرا، فتلقي في نفسك سرورا ينسيك متاعب يومك.. هو ربطة بسيطة تزين شعر طفلة جميلة يُحلي وجنتيها نفس اللون.. هو أول لون في قوس قزح.. هو كل شيء جميل في دنيانا.. الأحمر بداخلي أنا، وبداخلك أنت.. :)

قصص كُتبت بالأسود

صورة
(1) تتهيأ للمغادرة الآن. تستعجلها أمها كعادة الأمهات. تنظر لحالها مرة أخيرة في المرآة؛ كل شيء يبدو كاملا.. فستانها الأسود المطرز يلتف حولها في انسيابية شديدة، وكذا زينتها تبدو معتدلة.. تدلف إلى الردهة حيث الحفل، فتتعلق بها العيون، وبالفستان.. تحب رقي الأسود في الحفلات والسهرات، ولكنها في المقابل تمقت ارتياد تلك الحفلات والسهرات، خاصة عندما تضطر إلى الابتسام في وجه المتطفلين من رواد تلك الحفلات.. يسمونه مجاملات اجتماعية، وتسميه هي نفاقا.. تنتهز فرصة قرب مكان الحفل من شاطئ البحر، وتنسل خفية من بين الحضور.. القمر يتوسط اللاليء البعيدة و ينير السماء السوداء، المنعكسة بدورها على مياه البحر.. تتلفت حولها، قبل أن تخلع حذاءها الأسود المرصع ذا الكعب العالي، ثم ترمي بنفسها بين أحضان الماء الساكن، غير عابئة بالدنيا وما فيها.. *أحداث هذه القصة بها شيء من الواقع والكثير من الخيال. (2) هو جراح مشهور، و فقط. قلبه أسود كضميره الذي قتله بسكين بارد. تفنن في زيادة جراح مرضاه وإيلام أحبتهم، فكرهه الكل وتفننوا في الدعاء عليه. - هو طبيب ماهر، محبوب من مرضاه. يحسن إليهم

ليست مجرد زرقة

صورة
تناسبها الزرقة كلية. تتخفى داخل شرنقة نسجتها بيديها حول نفسها. من الخارج تبدو زرقاء اللون ذا طابع مريح هادئ، أما داخل الشرنقة، فلا وصف يلائمه، تماما كحال نفسها.. حتى في دنيا المحسوسات، تتخذ من اللون الأزرق حجابا لمن لا يعرفها، ومنفذا للأقربين.. تراها في بعض الأحيان متأنقة في سترة زرقاء داكنة كلون أعماق البحر، تخفي وراءها الكثير من الغضب الرافض للاستسلام.. ربما تراها -لاحقا- ملتحفة بشال زهري اللون، ينير وجهها بشكل ملفت، تماما كتصرفاتها، التي تعكس -لمن يعرفها- أنها ليست على مايرام.. أما إذا صادف ورأيتها في الصباح الباكر تتأمل زرقة السماء الصافية، المنعكسة على ردائها، فاعلم أنها تناجي ربها وتدعوه، ليمهد لها للأمل سبيلا..

عن الطفل الصغير بداخلنا

صورة
الشارع دا كنا ساكنين فيه زمان كل يوم يضيق زيادة عن ما كان أصبح الآن بعد ما كبرنا عليه زي بطن الأم مالناش فيه مكان* كبُرنا.. في خضم الحياة وزحامها، كبرنا، ولم ندرك تلك الحقيقة، أو ربما أدركناها، ولكننا اخترنا أن نتجاهلها، أو نتناساها.. كبرنا، وأصبحنا أصحاب القرار الأول والأخير في أمور حياتنا، صغيرة كانت أو كبيرة مثلما أصبحنا نحن.. كبرنا، ولا زال بداخلنا طفل صغير يتشبث بما يريد، ويرى الدنيا من منظور وردي بحت لا وجود له في دنيا الواقع.. طفل يجعلنا نتشبث بخيوط الأمل الرفيعة، ونعيد وصلها إذا تمزقت كي لا نتمزق معها.. طفل يعود بنا إلى ذكريات تركناها، وتركنا  معها  ذاكرتنا، قبل أن تتراكم عليها أتربة الزمن يوما بعد يوم حتى اختفت عن ناظرينا، ونسينا وجودها مع مرور الوقت..  كبرنا.. وبحكم أننا كبرنا، صرنا لا نصغي إلى بكاء ذلك الطفل الصغير.. نتجاهله ونكمل سيرنا، كي لا يذكرنا بالحقيقة التي نرفض الاعتراف بها لأنفسنا..... أننا كبُرنا. *الأبيات من أغنية "الشوارع حواديت" لفريق المصريين، وليست من القصيدة الأصلية لصلاح جاهين.