حينما أرسل الله -تعالى- جبريل -عليه السلام- إلى مريم في المحراب يبشرها بـعيسى، ربما لم يخطر ببالها وقتها أنها وغلامها الزكي سيكون لهما شأن عظيم على مدار تاريخ الإنسانية.. مؤكد أنها فزعت.. خافت بطبيعة النفس البشرية، فأي كرب هذا، وأي نائبة تنوب بها تبدل أمورها من حال إلى حال.. ابتعدت.. تمنت الموت للحظات، فما يحدث لها تنأى أي نفس عن احتماله.. ولكن الله رحيم.. طمأنها وهدهد نفسها.. " فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا" .. فقط عليها أن تأخذ بالأسباب وتتبع إشارات ربها، فينزاح همها وتطمئن.. " وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا.. " .. فقرت عينا.. همومنا وكروبنا مهما بلغت لا تقارن بما كانت فيه مريم. قادر هو الله على إزاحة أصغر همومنا مثلما فرج عنها أضيق كروبها وبشرها بخير وفير.. لله في خلقه شئون.. فصبر جميل :) *الآيات المذكورة من سورة مريم (24,25,26)
تبحث عن البداية.. بداية الأشياء وأصلها مجرد فكرة. الفكرة تتشعب في أنحاء رأسها. رأسها مليء بأفكار مبعثرة وأشخاص في الغالب متغيرين بتغير الظروف والمناخ. مناخ قلبها حار جاف في أمسّ الحاجة إلى ليلة شتوية دافئة. الدفء منبعه القلب. قلبها يتسع لبعض الأحبة والكثير من الثقوب. ثقوب روحها اتسعت حينما حاولت إجبار نفسها على الرجوع إلى الوراء من أجل إرضائه هو. "هو" عنصر متغير على مدار سنوات حياتها ولم يحن بعد وقت ثباته.. ثبات الأحوال بلا حراك سوف يؤدي حتما إلى النهاية.
تناسبها الزرقة كلية. تتخفى داخل شرنقة نسجتها بيديها حول نفسها. من الخارج تبدو زرقاء اللون ذا طابع مريح هادئ، أما داخل الشرنقة، فلا وصف يلائمه، تماما كحال نفسها.. حتى في دنيا المحسوسات، تتخذ من اللون الأزرق حجابا لمن لا يعرفها، ومنفذا للأقربين.. تراها في بعض الأحيان متأنقة في سترة زرقاء داكنة كلون أعماق البحر، تخفي وراءها الكثير من الغضب الرافض للاستسلام.. ربما تراها -لاحقا- ملتحفة بشال زهري اللون، ينير وجهها بشكل ملفت، تماما كتصرفاتها، التي تعكس -لمن يعرفها- أنها ليست على مايرام.. أما إذا صادف ورأيتها في الصباح الباكر تتأمل زرقة السماء الصافية، المنعكسة على ردائها، فاعلم أنها تناجي ربها وتدعوه، ليمهد لها للأمل سبيلا..
تعليقات
:))
تحياتي